خواطر إسلامية
درس بدر
عبداللطيف فايد
الليلة ليلة بدر وهي في حياة المسلمين كالشمس في رابعة النهار أو كالبدر في ليلة التمام فهي تمثل في التاريخ الإسلامي حدثا غير مسبوق وهي قدر من الله يعلو فوق أقدار الأقوياء من البشر.
لقد جمعت قريش جموعها لتقوم بتدمير المسلمين بعد ان حدثتهم نفوسهم بأن يأخذوا قافلة تجارية لقريش كان أبوسفيان بن حرب يترأسها عائدا إلي مكة وكانت تحمل تجارة عظيمة الشأن اشترك فيها الرءوس من أهل مكة وهي تمثل في الحقيقة اقتصاد مكة كلها حيث كانت تضم أموالها عدا هؤلاء الرءوس مقادير للناس في مكة وعلمت قريش بأن المسلمين عزموا علي مواجهة هذه القافلة ولكن أبا سفيان بن حرب قائد القافلة تمكن من الفرار بها عن طريق آخر غير الطريق المعتاد الذي تمر منه القوافل وكانت حيلة جيدة من أبي سفيان أنقذ بها تجارة مكة من أيدي المسلمين ولكن عز علي قريش ان المسلمين يترصدون تجارتها وعزمت علي الانتقام من مجرد تفكير المسلمين في التصدي لتجارة قريش وتزعم جبهة التصدي "أبوجهل بن هشام" وكبر عنده تفكير المسلمين في ذلك لكن أبا سفيان عارض هذه الفكرة وقال: لقد كان المسلمون يستهدفون تجارتكم وها هي ذي قد نجت من أيديهم فلا داعي للحرب وهي وجهة نظر منطقية في التخطيط للمواجهات العسكرية لكن أبا جهل أصر علي المواجهة لتأديب المسلمين علي هذه الجرأة غير المسبوقة فقريش زعيمة مكة ومكة زعيمة الجنوب في شبه الجزيرة العربية فكيف يتأتي للمسلمين بزعامة محمد بن عبدالله ان يفكروا في هذا التفكير الجريء ولهذا لابد من ان يعرفوا أقدارهم علي أيدي المقاتلين من أبناء مكة وانتصرت جبهة الشر في فكرة المواجهة لضرب المسلمين.
ولنا ان نتصور جيشا يزيد علي ألف مقاتل ينقض علي جماعة تعداد أفرادها نحو ثلاثمائة ان المنطق المادي يقول: ان ثلاثة رجال عندما ينقضون علي رجل واحد لابد ان يفتكوا به ولكنهم حين قدروا هذا التقدير لم يكن في حسبانهم ان الله ينصر الحق بالفئة القليلة تتصدي للفئة الكثيرة وقد أكدت المواجهة ذلك حيث انتصر المسلمون بعد ان قتلوا من المشركين نحو سبعين رجلا وأسروا مثل عددهم تقريبا.
إن المسلمين لم يكونوا في وقت من الأوقات في حاجة إلي الوعي بدرس بدر مثل ما هم في حاجة إليه الآن صحيح انهم لا يخوضون الآن مع قوي الاستعمار حربا عسكرية لكنهم يخوضون حربا سياسية اقتصادية اجتماعية فهي حرب مركبة تركيبا معقدا لكن التوكل علي الله والتمسك بالحق وبذل الجهد تفك هذا التركيب المعقد وليجرب المسلمون هذا السلاح في معاركهم مع كل من يتصدي لهم من قوي الطغيان والجبروت والله سينصرهم لأن هذا وعد الله ولن يخلف الله وعده.
[b]